EXAMINE THIS REPORT ON العولمة والهوية الثقافية

Examine This Report on العولمة والهوية الثقافية

Examine This Report on العولمة والهوية الثقافية

Blog Article



ومن بين رواد هذا التيار نجد النمساوي -» هانس بيتر مارتن» والألماني «هارالد شومان».

وقد لاحظ بعض الباحثين أن هذه العولمة الاقتصادية تسير وفق منهج يفضي إلى النتائج المتلاحقة التالية :

تسعى العولمة حاليّاً إلى تصدير مجموعةٍ من القيم الليبرالية الغربية؛ من أجل فرضها على جميع أمم وشعوب الأرض، حتّى يتمّ الحصول في النهاية على نموذجٍ ثابتٍ للثقافة في العالم بأجمعه بالاعتماد على الثقافة الغربية، من خلال الانتصار على التجربة الاشتراكية، وهذا ما وضّحته البيروقراطية التابعة للاتحاد السوفييتيّ، ومن هُنا يمكن تعريف (العولمة الثقافية) على أنّها محاولة مجتمعٍ يمتلك نموذجاً ثقافيّاً معيناً بتعميمه على بقية المجتمعات الأخرى، وذلك من خلال التأثير على مجموعةٍ من الأنماط السلوكية لأفراد هذه المجتمعات، والمفاهيم الحضاريّة، إضافةً إلى القيم الثقافية، بالاستعانة بوسائل ثقافيةٍ، واقتصاديةٍ، وتقنيةٍ مختلفةٍ.[٣]

وهذا ما حدا بالبعض إلى أن يسميها الأمركة، وللأسف إن أمريكا لا تهدف إلى تطبيق قيمها فحسب، بل إنها تنطلق من مصالحها الذرائعية المجردة من المبادئ والتي تكيل بمكيالين والتي تشكل خطورة عظيمة على القيم والأخلاق والهويات لا سيما الإسلامية.

قفز بنا التغيير أيضًا إلى ثورة تقنيّة، اجتاحت المجتمعات، وسهّلت الاتصال بشعوب العالم، مستهلكين ومنتجين؛ ليتحقّق بذلك التبادل المعرفي والاقتصادي والثقافي بأسهل الطرق وأنجعها. ومن هنا ظهرت (العولمة) كنظام عالمي شامل، يتدخّل في بلورة السياسات الثقافية المحليّة للشعوب, كتوجيه أسلوب حياة المجتمعات، وطريقة استهلاكها، ونوعيّة مأكلهم ومسكنهم وترفيههم، وتوجيه اهتماماتهم.

تسعى العولمة إلى تصدير وفرض القيم الليبرالية الغربية على كل أمم وشعوب الأرض، مما أدى وسيؤدي إلى قولبة / نمذجة الثقافة العالمية وفق الثقافة الغربية المنتشية بانتصارها على التجربة الاشتراكية المحققة، كما مثلثها بيروقراطية الاتحاد السوفيتي.

والاختراق الثقافي الذي تمارسه العولمة يريد إلغاء الصراع الإيديولوجي والحلول محله.. الصراع الإيديولوجي صراع حول تأويل الحاضر وتفسير الماضي والتشريع للمستقبل، أما الاختراق الثقافي فيستهدف الأداة التي يتم بها ذلك التأويل والتفسير والتشريع: يستهدف العقل والنفس ووسيلتهما في التعامل مع العالم: “الإدراك”.

العولمة نموذج من مخططات الاستعمار التي نبه عنها وكتب فيها، الأمير شكيب أرسلان رحمه الله، وهذا نور قبل ظهور مصطلح العولمة، وقد كتب يقول: غوليامو فرير الفيلسوف الكاتب الإيطالي الشهير في علم الاجتماع والتاريخ لا في إيطاليا فحسب بل في أوروبا بأجمعها، وإذا كتب كتاباً أو نشر مقالة تجاوبت لها أصداء الشرق والغرب وتركت دوياً.

ولوحظ أنه غالبًا ما يطرح سؤال الهوية في المجتمعات التي تتسم عناصرها بالتنوع والاختلاف، أكثر من المجتمعات التي ينتمي أفرادها إلى هوية واحدة، ويكون ذلك في الأغلب حالة للمجتمعات القروية المحدودة السمات والعناصر، البعيدة عن مجتمع المدينة الكبيرة التي تضم أشكالًا وفئات مختلفة ومتنوعة، فالمدينة تشكل مجموعة من النظم الاجتماعية والثقافية المتغيرة وفي حالة حراك دائم. وقد تعددت تعاريف العلماء والمؤرخين بتعدد الأمكنة وتغير الأزمنة، فرأى أرسطو أن المدينة هي مجموعة من الذكريات الصخرية الممكن إدراك معانيها ومكوناتها، أما ابن خلدون فيرى أن "المدن والأمصار ذات هياكل وأجرام عظيمة وبناء كبير… وهي موضوعة للعموم لا للخصوص فتحتاج إلى اجتماع الأيادي وكثرة التعاون"، ومن ثم فإنَّ التصور المطلق للمدينة بشكلها الحديث من المنظور المجتمعي ما هو إلا هويات ثقافية مختلفة تتعايش في بيئة واحدة وتتفاعل مع بعضها تفاعلا مستمرًّا، ومجموعة القيم والثقافات المختلفة للأفراد تتجانس لتكوّن فسيفساء ينتج عنها الشكل النهائي المتناغم للمجتمعات.

في زمن الصراع الإيديولوجي كانت وسيلة تشكيل الوعي هي الإيديولوجيا، أما في زمن الاختراق الثقافي فوسيلة السيطرة على الإدراك هي الصورة السمعية البصرية التي تسعى إلى “تسطيح الوعي”، إلى جعله يرتبط بما يجري على السطح من صور ومشاهد ذات طابع إعلامي إشهاري، مثير للإدراك، مستفز للانفعال، حاجب للعقل…

ثالثها: إبراز إيجابيات الإسلام وعالميته وعدالته وحضارته وثقافته وتاريخه للمسلمين قبل غيرهم، ليستلهموا أمجادهم ويعتزوا بهويتهم.

وأخيراً مادمنا مقاومين فاعلين قائمين بما أمرنا الله به فإننا موقنين ليس بحماية هويتنا فحسب، بل حتى في التأثير على غيرنا بنفس وسائل العولمة، وهذا هو الفصل القادم.

ومن هذا المنطلق، فإن إعادة بناء النظرية النقدية للعولمة الثقافية صار ضرورياً، لكي تعرف النخب الثقافية والمجتمعات كيف تتفاعل معها في ظل المتغيِّرات الراهنة والمستقبلية، وماذا تأخذ منها وماذا تدع وتترك.

إن العلاقة بين العولمة والهوية الثقافية في التنافر والتصادم والصراع إذ تسعى العولمة إلى خلق وحدة ومنظومة متكاملة، في حين تدافع الهوية عن التنوع والتعدد. كما نجد العولمة تهدف إلى القضاء على الحدود والخصوصيات المختلفة بينما الهوية تسعى إلى الاعتراف بعالم الإختلافات وترفض الذوبان، وبإختصار فالعولمة تبحث عن كل ما هو عام وشامل بينما الهوية هي أنتقال من العام إلى الخاص ومن الشامل إلى المحدود.

Report this page